Thursday, 6 August 2009
مراسم تأبين شمعة..Nermeen Fathy
ابتسمت..ابتسم...تحدث..فأصغت..أذناها لا تفلتان كلمة يقولها..أو لا يقولها..رغم كل ما لا تفهمه..طلاسمه ورموزه وتعاويذه وطقوسه..أذناها كل ماتملك..رقيقتان..يتدلى منهما زوج من قرط دقيق..سهم متناهى الصغر..يشير الى الجنوب ..تتمرد فوقهما خصلاتها السوداء المتنمرة الفارة من قيد طوقها الذهبى العالى ..فتبحث أناملها البيضاء الناعمة عنهن فى مطاردة رقيقة لتعيدهن باصرار خلف الاذنين..وكانما..وكأنما لا تريد حجب أذنيها عن صوته..لا تريد لأى شىء أن يعوق التواصل..أن يعوق سحر الكلمات..أن يعوق نسيم شفتيه عن اختراق قلبها..فهذه الكلمات لها قوة تأسر أى قلب برىء..شغف يعلو جبينها الواسع المبهر.شغف يرسم قسمات وجهها..انه يتحدث..يال فرحتها..ربمادون أن ينظر اليها..ولكنه يتحدث اليها..عيناها البراقتان تحيطان كلماته..همساته..حركاته..تسرع خلف لفتته..خلف ايمائته..تسرع خلف حركة يده..خلف حركة شفتيه..خلف ..خلف ..تلهث..تلاحقه باستماتة..لا تريد لشىء أن يفلتها أو تفلته ..تريد أن تأخذه كله فلا تترك منه شيئا..أهذا حب؟ ..ليس حبا...ماهو..؟أطل اللهيب من قداحته يضىء وجهها..وبعينين ساهمتين أدركت ما أزمع القيام به..همست بصوت خافت: دعها..ولكنه عاقد العزم..عادت تهمس بصوت يفتت الصخر: انها جميلة هكذا...قال: أحب حرارة الشموع..ضحك...ضحكته قتلت ابتسامتهاعادت ترجوه: دعها..ولكنه أشعلها..تعلقت عيناها بها..انها شمعة..ستذوب بعد لحظات..ويذوب جمالها ويخبو كأن لم يكن..نحتها فنان بأنامل ساحر..راقصة باليه تحمل شعلة من اللهيب...توقفت لحظة..عن كل شىء..العين فى العين..ابتسم..لم تقو على الابتسام..فقد الاتصال بشفتيها..ولكنها رغم كل شىء تريد أن تبتسم..سأبتسم الان..اشارة من العقل لشفاه متجمدة..وراته يلقى على وجهها ظلاله..تعلقت عين بالشمعة..وعين تغيب فى ظلاله..لازالت تراها تبتسم وترقص..لم تشعر بعد بما تحمل من لهيب فى أكفها..الجماهير تصفق..الصوت يصم الاذان..الشعلة تأكل كفها الان..كلتا الكفين اشتعلتا باللهيب..تبا لها!..مازالت ترقص باسمة..ستبتسم مثلها..ولكن كيف..؟لا تزال شفاهها متجمدة..عيناها تذوبان أسفل اللهيب..يأكل اللهيب عينيها..يأكل أنفها..يأكل أذنيها..يأكل كل شىء يأتى عليه..كل شىء يذوب أسفل منه..لا اعتراض..لا مقاومة..فقط استسلام تام لهذا اللهيب الصامت...ياكل ذراعيها الان.فتسيلان فى صمت غريب.دون صرخة واحدة..كيف لا تصرخ؟..النار تأكلها..تذوب وتذوب وهى ترقص..أين ذراعيها.؟ هى لا تشعر بهما الان..تريد ان تصرخ..لابد انها تريد أن تصرخ..انتزع اللهيب راسها..تساقطت عيناها مع الدموع..تساقطت شفتاها على الاقدام..وهوت خصلاتها قطرة قطرة..وهى تسيل من طوقها الذهبى العالى تلامس الارض..أمسك اللهيب بعنقها يقبلها قبلة أذابتها فسالت دون مقاومة..هل يعتقها اللهيب الان؟..لا ذراعين..لا رأس..لا عنق..اللهيب ياتى عليها كلها فلا تصرخ ولا تقاوم..المارد يدغدغها..يأكلها..يذيبها..ولا يجمدها..الكون تجمد حولها..وهى تذوب وتذوب..وكما سقطت أجزائها قطعة قطعة ..تهاوت فى سلاسة والنيران تأتى على ما تبقى...يشقها اللهيب نصفين فى حنان قاتل..نصف تلاشى فى هدوء ودعة..ونصف تراكم عليه ماتهاوى من بقاياها..ونفى اللهيب هذا الجسد..منفاها أسفل الأقدام..أحالها كومة من سائل لزج ليس لها معالم..وحين أصبحت هذه الكومة المستسلمة جزءا من المنضدة..أطلت من عينيها دمعتان..وصرخت!!
Subscribe to:
Post Comments (Atom)

No comments:
Post a Comment